الأحد، 1 ديسمبر 2013

ملحدون مصريون يسعون لانتزاع اعتراف المجتمع بوجودهم

نشرت من طرف : Unknown  |  في  الأحد, ديسمبر 01, 2013

يجتمع بعض الشباب المصريين في المقاهي العامة لمناقشة أفكارهم عن الإلحاد
لم يكن الصديقان أحمد وأمير يدركان أن يوم الفراق بينهما سيكون قريبا.
كانت الروابط بينهما تشبه روابط الأخوة وقد اعتادا حضور خطب داعية سلفي كبير بالأسكندرية بعد صلاة الفجر، ولطالما عرف أحدهما مقدار حب الآخر له في كثير من المواقف منذ أن عاد أحمد من مكة المكرمة حيث كان يدرس في معهد ديني.

وتابع "هي ليست مجرد لحظة واتتني فيها فكرة الإلحاد، لكنها كانت نتاج تأمل طال شهورا وربما أكثر من عام".
"ما زلت أحب أميرا" يقول أحمد حرقان، الشاب العشريني المقيم بالأسكندرية. ويردف "لكن صديقي لم يتمكن من تقبل كوني أصبحت ملحدا لا أؤمن بدين الإسلام".
ويسترجع "بعدها أذكر أنني دخلت المسجد واصطففت قاصدا الصلاة في جماعة ولكني لم أتمكن من أداء تكبيرة الإحرام. فأدرت ظهري للمسجد وقررت هجر الإسلام".

مشكلات عائلية

ويوضح "توقعت أن أتعرض لمشكلة مع والدي ووالدتي المتدينين واللذين كانا حريصين على تحفيظي القرآن منذ الصغر، وهذا ما حدث فعلا، ولكني كنت أود الاحتفاظ بأصدقائي ومنهم أمير".
يجتمع أحمد مع عدد من أصدقائه من ذوي التوجه المشابه على مقهى متاخم لساحل مدينة الإسكندرية المطلة على البحر المتوسط.
يشعرون بالألفة لبضع ساعات، حيث يتبادلون أفكارهم. ثم ينطلق كل منهم إلى بيته أو جامعته ليجابه، غالبا، بالاستهجان وربما بالملاحقة.
عدد من الفتيات يجتمعن للقراءة بإحدى المكتبات ومناقشة قضايا الإلحاد التي يعد الخوض فيها محظورا في بيوتهن
في نهاية الأسبوع الماضي، أدانت منظمتان حقوقيتان في مصر استمرار حبس طالب على ذمة التحقيقات بتهمة ازدراء الأديان.
ووصفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في بيان مشترك، محاكمة الطالب شريف جابر بسبب تعبيره عن رأيه في المسائل الدينية، بأنه تكريس للقيود المفروضة على حرية الاعتقاد في البلاد وإخلال بالالتزامات الدولية.
وكان الطالب قد عُرض على مجلس تأديب بجامعة قناة السويس بعد نقاش ديني مع أحد الأساتذة في أبريل / نيسان الماضي. ثم أحيل مجددا إلى السلطات القضائية بعد شكوى تقدم بها عدد من زملائه تتهمه بإنشاء صفحة على فيس بوك تدعو للإلحاد.
يقول حرقان "إن إعلان شخص ما إلحاده في مصر يعني عند بعض أفراد المجتمع أنه لم يعد لديك الحق في الحياة". وأردف "الخروج من الإسلام ربما يعرضك للقتل. ولكننا نحاول الخروج من هذه الدائرة عبر تشجيع غيرنا من الشباب على الجهر بإلحادهم. وبالتالي لن يتمكن أحد من قتل الكثيرين الذين سيجاهرون بالإلحاد، وأعتقد أنهم ملايين".

جوانب سياسية

ولا يوجد إحصاء مستقل لعدد الملحدين في مصر. ولكن بعض المثقفين يشير إلى أن المجاهرة بالإلحاد أصبح ظاهرة خلال السنوات الأخيرة. وتلقي مديرة مكتبة مصر العامة نبيلة عبد النبي باللائمة على الفترة التي صعدت فيها تيارات الإسلام السياسي إلى سدة الحكم. وقالت لبي بي سي "لطالما عرفت مصر بحرية التعبير ولا نميل لفرض الرقابة على الكتابة والإبداع. هنا في المكتبة نسمح للشباب بالاطلاع على العديد من الكتب التي تعد مثيرة للجدل".
وتردف "لكن الجديد الذي ساهم في نفور الشباب من الدين هو وصول تيارات الإسلام السياسي إلى أعلى سلطة".
في طابق آخر بذات المكتبة اعتادت مجموعة من الفتيات المحجبات على ممارسة هواية القراءة وأيضا مناقشة بعض الأمور التي يعد الخوض فيها محظورا داخل بيوتهن.
"أحفظ القرآن كاملا ووالدي ملتحٍ وأشقائي الذكور كذلك. ولكن كانت لدي الكثير من التساؤلات ترسخت من خلال قراءاتي فأصبحت ملحدة"، حسبما قالت فتاة محجبة منهن طلبت من بي بي سي إخفاء هويتها.
واستدركت "أنا بالأحرى لا أدرية، أي أنني من بين الذين يعتقدون بأنه لا أحد يعلم إن كان هناك إله أم لا يوجد".
وتابعت الفتاة "ثلاث من صديقاتي ألحدن بعد أن كن منتقبات لا يكشفن عن وجوههن. وجابهتهن صعوبات عديدة لتخليهن عن النقاب. لقد اكتفين بارتداء الحجاب مثلي. كلنا نرغب في التخلي أيضا عن الحجاب ولكن المجتمع لن يرحمنا".

تشدد

الدكتور مجدي عاشور أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية قال إن "التيارات المتشددة التي لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين تتحمل مسؤولية هذه الظاهرة".
وأوضح لبي بي سي أنه لا بد لعالم الدين أو المفتي أن يضع عينا على الشريعة وعينا أخرى على الواقع. مشيرا إلى أن البعد عن الواقع والتمسك ببعض الأشياء التي لا تعد من جوهر الدين كان سببا في نفور أتباع الديانات منها.
ويردف "لا بد أن ننفر من التشدد كما ننفر من الإلحاد".
ولكن بعض من استطلعتُ آراءَهم من الملحدين أو اللادينيين في مصر يرفضون التعامل مع هذه الظاهرة باعتبارهم مشكلة.
تقول سمية شريف الطالبة بكلية التربية "لا بد من الاعتراف بأن كل شخص يمر بفترة تساوره فيها الشكوك حول ما ورثه من معتقدات. لقد أبلغت والدتي بأنني ألحدت فأخذت تدعو لي بالهداية". وتستطرد "أنا فتاة طبيعية ولا أعتقد أني أعاني من مشكلة. لا بد للمجتمع أن يعرف أن هناك من لا يؤمن بالديانات السماوية".
سألت فتاة أخرى من المجاهرات بالإلحاد عما سيكون موقفها إن تقدم لها أحد الشباب المتدينين طالبا الزواج منها، هل ستصارحه بإلحادها؟
"ستتغير أوضاع جميع الملحدين في مصر إذا ما جاهروا بأفكارهم رغم رفض المجتمع."
أحمد حرقان شاب سكندري
فأجابت "أنا مرتبطة بالفعل بشاب ملحد تعرفت عليه عبر فيس بوك. نحن متقاربان جدا في الأفكار والمشاعر." وتوضح أن كليهما كان من خلفية دينية متشددة.

ثورة اتصالات

ويجد الملحدون في مصر وبعض البلاد العربية داخل الإنترنت متنفسا للتعبير عن آرائهم. وإلى جانب المجموعات المغلقة أو السرية في موقع فيس بوك هناك برامج على موقع عرض المقاطع المصورة يوتيوب تختص بعرض حوارات يروي فيها شباب قصة سلوكهم تلك السبيل.
وفي قضية جابر، طالب جامعة قناة السويس، كانت الجامعة قد قررت حفظ التحقيق الإداري الذي أجري معه في أعقاب جدله الديني مع أحد الأساتذة.
ورغم ذلك، بادر عدد من الطلبة بجمع توقيعات وتقديمها إلى رئيس الجامعة لإعادة فتح التحقيق مع الطالب، شاكين إنشاءه صفحة على الإنترنت يدعو فيها للإلحاد. وانتقل التحقيق من داخل الجامعة إلى مخفر الشرطة.
وفي أكتوبر / تشرين أول الماضي ألقت قوة من المباحث القبض على الفتى ليمثل أمام النيابة ويخضع للتحقيق مجددا بتهمة ازدراء الأديان، وصدر القرار بحبسه لمدة أربعة أيام. وفي الأسبوع الماضي تقرر استمرار حبسه خمسة عشر يومًا أخرى على ذمة التحقيقات.
ويقول حرقان، الشاب المقيم بالأسكندرية، ستتغير هذه الأوضاع إذا جاهر كل الملحدين في مصر بإلحادهم. إن الدين المكتوب على بطاقة تحقيق الشخصية لا يعني بالضرورة أن هذا هو المعتقد الفعلي لحاملها.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

back to top